ببساطة: هو خطابها المتعالي الذي يمثل نهاية وليس وسيلة.
بالتأكيد، أنصار المحكمة الأكثر صدقا قد يقولون أن المحكمة الجنائية الدولية كانت غير فعالة بشكل لا يصدق، انتقائية بلا خجل في غضبها، مقاضاتها، وبحثها عن الريع، و قد قامت حتى بتأزيم حالات كانت في الأصل فظيعة، ولكنهم أيضا يزعمون أنها، و بمجرد أن تؤمن ما يكفي من المال و القوة، ستقوم بتحقيق رؤية طوباوية من العدل الدولي و العالمي.
ما فشل هؤلاء المخلصون لرؤية المحكمة في إدراكه هو أن الإفلات من العقاب للدول القوية وتوابعها هو ميزة و ليس خللا في نظام المحكمة الجنائية الدولية – وهو ما يعني أن المحكمة هي على أتم استعداد لإستبدال المثل ااتي تتشدق بها بتكاسل، بالهيبة والسلطة.
وليس من قبيل الصدفة أنه، و بعد مرور أكثر من عقد من الزمان و إنفاق ملياردولارفي هذه التجربة المتهافتة في السعي للعدالة الدولية، لم تنجح المحكمة الجنائية الدولية إلا في إدانة شخصين إثنين، وكلاهما من أمراء الحرب الأفارقة غير المعروفين.
و لكن المحكمة العملاقة التي تطمح إلى العدالة الدولية العابرة للقارات لا خير منها و لم تفهم أنه لا يجب عض اليد التي تطعمها.
و لكن هذا السجل، على ما يبدو، بدأ في تسبيب قليلا من القلقلة حتى بين الموقعين على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية: أسبانيا –من أوائل المؤيدين و منذ وقت مبكر جدا للمحكمة- الآن عازمة على إقتراح مكان بديل للعدالة الدولية.
عبر وكالة فرانس برس:
قال وزير الخارجية الاسباني اليوم ان اسبانيا تقترح على الأمم المتحدة أن تقوم بإنشاء محكمة دولية متخصصة في جرائم الإرهاب …
وأضاف الوزير خوسيه ماريا جارسيا-مارجالو: “الفكرة الأكثر بساطة هي أن تنسب الكفاءة لمعالجة مثل هذه القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ولكن الدول المهمة للغاية لا تقبل ولايتها.”
وقال “نحن بحاجة إلى محكمة تكون مقبولة في ذاتها و مقبولة لكافة جميع الأمم.”
اسبانيا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، تخطط لتقديم اقتراح جاد لإنشاء المحكمة عندما تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في نهاية عام 2015.
باولو جينتيلوني وزير خارجية دولة أخرى عضوة في المحكمة الجنائية الدولية، و هي إيطاليا، تأخذ هذه الفكرة على محمل الجد أيضا.
و قال جينتيلوني: “أعتقد أنه من المثير للاهتمام … من الناحية القانونية أن يدرس المجتمع الدولي إمكانية إنشاء أداة أكثر تحديدا، تتعدى المحكمة الجنائية الدولية، والتي ليس بقدورها التدخل دائما.”
وبطبيعة الحال، إذا كانت المؤسسة معطوبة، فهي معطوبة، محاولة تقليد المحكمة الجنائية الدولية في بناء محكمة تشبهها في كل شئ عدا إسمها ستفشل لنفس السبب الذي لأجله تفشل المحكمة الجنائية حاليا.
و لكنه من المثير للاهتمام مع ذلك رؤية المؤمنين الحقيقيين بالمحكمة يبدأون في فقدان الإيمان بها.