قمنا من قبل بالإشارة لظاهرة ممارسة بعض الدول لمفهوم تسليط العدالة الدولية على الغير و أستثناء أنفسهم منها. هذه الظاهرة تلازم المناداة بتدخل المحكمة الجنائية الدولية. و ما حدث هذا الأسبوع لا يعتبر أستثناءً للقاعدة.
أولاً، قامت برس تي في (أول قناة إيرانية للأخبار العالمية تبث الأخبار باللغة الأنجليزية على مدار الساعة) ببث التالي:
في قمةٍ يوم الأربعاء في طهران جمعت آية الله صادق أمولي لاريجاني بأعضاء سامين من السلك القضائي، قام الأول بالتعبير عن أسفه فيما يتعلق بالقصف على اليمن، البلد الفقير، ذاهباً إلى أن التدابير التي أتخذتها المملكة (العربية السعودية) في اليمن ترقى إلى منزلة جرائم الحرب حسب ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
و أردف: “المسؤلون السعوديون يجب مقاضاتهم في المحكمة الجنائية الدولية كالقادة النازيين.”
و المثير للغرابة أن إيران أختارت أن لا تصادق على ميثاق روما و ألا تنضم إلى صفوف رادعي النازييين الجدد هؤلاء. و في الحقيقة، يقول المستشار القانوني لرئيس المحكمة الجنائية الدولية حيراد أبتاحي ، الجمهورية الإسلامية (إيران) “لها موقف متردد إزاء ميثاق المحكمة الجنائية الدولية يتأرجح ما بين التأييد المتحمس و التشكيك الصريح.” –تأرجح يصعب معه معرفة ما إذا كانت المحكمة تسعى وراء صديق لإيران أو عدو لها.
و في غضون ذلك في كينيا، كان نائب الرئيس الكيني وليام روتو “السياسي الوحيد في هذه البلاد الذي أستثني من لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.”
و أيضاً، حسب مصادر دبلوماسية، فإن روتو من غير المرجح أن يلتقي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما عند زيارته لموطن أبيه الراحل بسبب التهم المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية التي وجههتها له المحكمة الجنائية الدولية…
بينما كان الرئيس الكيني يلتقي بوزير الخارجية جون كيري، كان روتو يقوم بتدشين فعالية للإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة بالفندق العالمي بنيروبي.
التقرير أيضاً إحتوى هذه الجزئية المثيرة:
من المثير للسخرية في نفس الآن أن نائب الرئيس روتو هو من أستقبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون و إبنته تشيلسي في مطار جومو كينياتا الدولي يوم الجمعة من الأسبوع الماضي.
و هذه لعبة التقرب من كلا الطرفين الكلاسيكية لكلينتون.
و لكن هل تريد أن تعرف ما هو المثير للسخرية بحق؟ أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما الغارقة بصبيانية في حب توجهها العصري العالمي و التي لم تظهر مقدار ذرة من الإهتمام بجعل نفسها –أو قواتها التي تستمع المحكمة بالتقرب منها من أجل إرضاء أربابها- تحت رغبة المحكمة، تنهق بشكل شديد العلانية منذرة بعقاب الآخرين ممن وقعوا في مرمى تصويب المحكمة:
قبل الإنتخابات الرئاسية الكينية في العام 2013، حذرت القوى الغربية بإشارات قوية من إنتخاب إثنين من المشتبه بهما يواجهان خطر المثول للمحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية و حذرت من الامر سيكون له “عواقب” بالنسبة للبلاد دولياً.
و قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أفريقيا في ذلك الحين جوني كارسون: “إن للإختيارات عواقبها.”
هنا إحدى الأشياء التي يبدو أن حكومتي إيران و الولايات المتحدة تتفقان عليه: ما يناسب الأوزة ليس مما يناسب ذكر الأوز عندما يتعلق الأمر بالمحكمة الجنائية الدولية.