الناظر الى حال المحكمة الجنائية الدولية قد يجد أن الأجابة على سؤال ما إذا كان الفشل مكوناً أساسياً من مكونات المحكمة هي بكل تأكيد نعم. أجابة يمكن حتى أن تأتي من بعض أخلص مساندي المحكمة.
و مما يقود لتصديق هذا هو المقال المنشور بموقع الديموقراطية المفتوحة المساند للمحكمة تحت عنوان “لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية القيام بالردع من دون موارد” و الذي يحاول مد يد المساعدة للتنافر الفكري الكامن في محاولة الدفاع عن سجل المحكمة البائس.
بداية المقال تعيد الشكوى بعدم توفر الدعم اللازم سياسياً، دبلوماسياً، و مالياً من أجل تمكين المحكمة من أداء المهمة التي أنشأت لاجلها. و منذ أنشاءها في 2002، تعوز المحكمة القوة اللازمة لاداء مهامها. و بالاضافة لذلك فإن علاقة المحكمة بمجلس الامن الدولي علاقة تمتاز بالاشكال.
تمت إحالة قضيتين من مجلس الامن الدولي لللحكمة الجنائية الدولية، إحداهن من ليبيا و الأخرى قضية دارفور بالسودان. و في العشر السنين التي مضت منذ إحالة الأخيرة للمحكمة، لم يمثل من بين المتهمين أمام المحكمة إلا واحد بينما توفي آخر و ما يزال الأربعة المتبقون
أحراراً. أما رئيس السودان الذي تتهمه المحكمة بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية و مذابح جماعية فما تزال الدول التي يزورها، حتى أعضاء المحكمة، ترفض أعتقاله و ما يزلا السودان يرفض الإعتراف بسلطة المحكمة.
ببساطة، يرفض العالم لعب دور شرطي المحكمة لأسباب يفترض أنها و اضحة. و لذا تستمر المحكمة في الفشل. قد تبدو تلك حجة فشلها، و لكنها ليست حجة تتسم دوماً بلأنها مناسبة كما سنرى.
مشكلة التمويل مثلاً قد أضحت أكثر وضوحاً للعيان في العام 2014 في أعقاب تقديم فرنسا مدعومةً بستين دولة لمشروع قرار بإحالة إحدى أفظع الحالات الإنسانية في هذا العصر و هي قضية سوريا للمحكمة الجنائية الدولية. قامت فرنسا و روسيا بأستخدام حق النقض ضد القرارو لم يمر. و لكن حتى في حلا تمرير القرار فإن الإفتقاد للدعم السياسي و الدبلوماسي و المالي كان كفيلاً بأن تفشل المحكمة في إنجاز شئٍ يذكر و كان سيكون هذا كفيلاً بأن يخلف المحكمة في وضع أكثر ضعفاً.
إذن فإن المحكمة الجنائية الدولية تفشل حال لم يقم مجلس الأمن الدولي بإحالة القضايا إليها. و ستفشل أيضاً حال تمت إحالة القضايا إليها من قبل المجلس. و هذا يجعلنا نرى نمطاً يعتري المحكمة و أداءها هنا. و هذا بدوره يثير نقطتين هنا:
- هل يوجد أي عالم بديل تكون فيه المحكمة الجنائية أي شئ غير أغلي مصنع في العالم لإنتاج البيانات الصحفية. و استمرار الفشل لا يغري بريادة الدعم المالي.
- هل سيصدق أي شخص كان أن كل هذا بسبب التميل و ليس بسبب العيوب بالخطيرة التي تعتري المحكمة كعدم اتزانها و انتقائيتها؟
في آخر الأمر، قد لا تصدق عندق قراءة المقال المنشور في موقع الديموقراطية المفتوحة أن الحديث يدور عن مؤسسة “هي ببساطة أكثر تكلفة للمال و تمور بعدم الكفاءة بشكل يصعب تبريره.” كما وصفها ديف دافنبورت بشكل يصعب نسيانه في فوربس.
إن المحكمة ٍقد صممت في الأصل للتأكد من أن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لن يتم تجاهلها، و من المفترض أن تقرض المحكمة وجوداً قوياً بما فيه الكفاية ليسهم في منع وقوع هذه الجرائم. ولتحقيق هذه الغاية، فللمحكمة 34 من القضاة، ما يزيد على 700 موظف، وتبلغ ميزانيتها السنوية 166 مليون دولار. يقولون انه لا يمكنك تحديد ثمن للعدالة و لكن أن تكلف ادانة أحد امراء الحرب 500 مليون دولار فهذه تكلفة تبدو عاليةً بكل المقاييس. وما الذي يفعله 34 من القضاة كل يوم؟ ليس عليك ان تكون خبيراً قانونياً لتعرف أن التأثير الوقائي من لإدانة 2 من أمراء الحرب خلال 12 عاما لا يجعل مجرمي الحرب الدوليين يرتجفون من الرعب.