و لكن الشئ الأكثر إثارة للدهشة، مع ذلك، هو دعم نغودجولو الذى لا رجعة فيه للمحكمة! :
ما زلت أؤيد المحكمة. العالم بحاجة إلى محكمة جنائية دولية قوية وأنا أول من يدعمها. و لكن المحكمة في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد. نحن بحاجة لدعم و تأييد الناس و السياسيين حتى تتمكن المحكمة من أن تحاكم الجميع. في الوقت الحالي الكثير من الناس لا تتم محاكمتهم لأسباب سياسية.
اليكم في هذه الوقفة ثلاثة أفكار بخصوص جملة الوصف المبالغة تبخيساً لسوء أداء المحكمة: ” في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد”:
- كما نوهنا سابقا، عندما تم تبرئة نقودجولو بالإجماع من ستة تهم بارتكاب جرائم حرب وثلاث تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية يزعم أنها ارتكبت في عام 2003 أثناء الحرب القبلية في الكونغو، كان ذلك ثاني حكم صادر عن المحكمة الجتائية الدولية على الإطلاق:
دعونا نركز حديثنا عن ذلك للحظة: ان هذا الحكم لم يكن سوى ثاني حكم يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق. وهذا يعني أنه بعد أكثر من عشر سنوات و إنفاق مليارتً من الدولارات، فقط أفضت قضية واحدة من قضايا المحكمة الجنائية الدولية لصدور إدانة.
وهذا بالكاد يعتبر سجلاً قضائياً لمدعٍ عام يدعو للفخر، و لهذا قامت فاتو بنسودا بالإستئناف.
الآن، و بعد ثلاث سنوات و إنفاق مئات الملايين من الدولارات لاحقاً، تم تأييد الحكم بتبرئة السيد نغودجولو. ولكن ماذا عن الكونغو؟ لا تزال المنطقة بالعنف؛ متمردو الهوتوتملكتهم روح تحد جديدة وجرأة مصدرها تبرئة قائدهم السيد نغودجولو؛ والهيما، منافسوهم -و الذين تم إدانة قائدهم القبلي توماس لوبانغا دييلو كأحد اثنين فقط من المتهمين المدانين في واقع الأمر من قبل المحكمة الجنائية الدولية- يشعرون بخيبة أمل أكبر من جراء وعود العدالة “العالمية”. في حقبة تحتشد فيها فيها المظالم، لم تؤدي تبرئة السيد نغودجولو لشيئ يذكر بخصوص تهدئة التوترات العرقية.
من الواضح أنه ، و بعد أجيال من العنف و العنف المضاد الانتقامي بين الطرفين، لا يمكن تحميل المسؤولية عن هذه المأساة الدائمة للمحكمة الجنائية الدولية وحدها. ومع ذلك، فإن المرء لابد له من أن يكون أحد الداعمين المغالين للمحكمة لكي لا يعترف بأن فشل الادعاء يطيل أمد الصراع والمعاناة فقط.
- إن الثغرات العديدة الهائلة للمحكمة و التي تسمح لرعاة المحكمة والدول القوية بالهروب من قبضة مهمتهة المحكمة المفترضة “دون وضع حد للإفلات من العقاب” هي ميزة و ليست بخطأ في أعين أنصار المحكمة ذوي التوده العالمي و هذا النفاق الذي يتسم بالنظر من الجانب الآخر لن ينبتهي أبداً، أبداً.
- إذا كان نقودجولو حقا يعتقد انه قد كان كبش فداء، دفع للاعتقال والسجن، وحوكم من دون سبب وجيه… لماذا على وجه التحديد يود ان يقوم بتوسيع سلطة المؤسسة التي فعلت ذلك به لتشمل “الجميع”؟
لا يمكن أبداً تدارك سوء استخدام السلطة عن طريق المزيد من السلطة- خاصة عندما نتحدث عن مؤسسة ترفض الاعتراف بوقوع الأخطاء، ناهيك عن التعلم منها.